مصراوي 24
بوتين يلتقي مع أمين مجلس الأمن القومي الإيراني في روسيا |ماذا حدث؟ رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن مدبولي يوجه بعقد اجتماع مع مسئولي قطاع السيارات وممثليه لمناقشة المعايير التي يمكن وضعها لتحقيق مستهدفات الدولة رئيس الوزراء يعقد اجتماعاً لبحث المعايير والضوابط النوعية لتنظيم سوق السيارات في مصر باسل رحمي: 75 مليون جنيه للمشروعات الصغيرة بنظام التأجير التمويلي بجميع محافظات الجمهورية البترول: «بيكر هيوز» العالمية تتجه لضخ استثمارات جديدة في مصر الصحة العالمية: حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في قطاع غزة حققت هدفها تراجع مؤشرات البورصة بختام تعاملات الخميس رئيس هيئة الرقابة المالية يشارك في مؤتمر إي اف جي هيرميس الاستثماري في لندن الامام الاكبر يهنئ الرئيس السيسى والأمة الإسلامية بذكرى المولد النبوى الشريف وزير البترول يعقد جلسة مباحثات ثنائية مع الرئيس التنفيذى لشركة بيكر هيوز العالمية والوفد المرافق له وزير الصحة يستقبل رئيس اتحاد المستشفيات العربية لمناقشة سبل التعاون المشترك لدعم القطاع الصحي
مصراوي 24 رئيس مجلس الإدارةأحمد ذكي
الجمعة 22 نوفمبر 2024 03:30 صـ 21 جمادى أول 1446 هـ

أحمد الخميسي يكتب: اللغة والاستدلال على المعنى

من ضمن ما كتبه شاعر المهجر اللبناني العظيم جبران خليل جبران ملاحظة قصيرة مهمة يقول فيها: " بين منطوق لم يقصد، ومقصود لم ينطق، يضيع الكثير من المحبة". وهذا ما نلاحظه في حياتنا اليومية لكننا لا نتوقف عنده ، فإذا قمنا بتعميم وتوسيع نطاق فكرة جبران، سنجد أنها تشتمل على الكثير من جوانب أحاديثنا وموضوعات تلك الأحاديث التي تتأرجح في المخاطبة بين منطوق لم يقصد ومقصود لم ينطق. والمعروف أن دور اللغة الرئيسي نقل الأفكار والمشاعر، لكن كثيرا ما تقوم اللغة بدور آخر مختلف تماما حين تخفي المشاعر بدلا من توضيحها. وقد يلاحظ معظمنا أننا باللغة قد نقول ما نقصده، أو نقصد أبعد مما نقوله، أو نقول شيئا ونحن نعنى شيئا آخر، بل وقد نقصد عكس ما نقول! وعلى سبيل المثال فإن العبارة المصرية الشهيرة : " سكة السلامة يا حبيبي"، قد تعني أمنية طيبة، أو على العكس فإنها قد تضمر التهكم بمعنى :" اذهب الله لا يرجعك". وقد تحولت ملاحظة جبران بعد وفاته في ١٩٣١ إلى مفهوم فلسفي يسمى : " المعنى في الاستخدام" يدرس مقاصد المتكلم ونواياه التي قد لا تتطابق نهائيا مع كلمات الخطاب الحرفية. وقد بدأت تلك الدراسات على يد المفكر النمساوي البريطاني لودفيج فتجنشتين في كتابه " رسالة منطقية فلسفية" الصادر في 1921، وفيه يطرح الكاتب أن اللغة : " ليست نوعا من الخيال، لكنها ظاهرة مكانية وزمانية"، أي أن معنى الكلام مرتبط بالظروف والمكان والشخص الذي يدلي به، أو كما يقول الكاتب فان المعنى " في الاستخدام، وليس خارجه"، ومن ثم فإننا حسب الظروف قد نفهم كلمة : " أهلا وسهلا" على أنها ترحيب أو على العكس على أنها دلالة نفور. ولاحقا التقط هذا الخيط وقام بتطويره فيلسوف اللغة البريطاني بول جرايس الذي توفي 1988، وبدأ أبحاثه في ذلك المجال الفريد بعدة محاضرات في جامعة هارفارد 1967 عن : " مقاصد المتكلم ونواياه". وحسب بول جرايس فإن التخاطب لا يعتمد على معانى الكلمات المتعارف عليها، بل على كيفية استخدامها وتفسيرها في ضوء المكان والظروف والشخص الذي يتلفظ بها ونواياه. وهكذا طرح جرايس عدة مفاهيم جديدة تتقدمها فكرة التضمين الخطابي، والاستدلال على المعنى في اللغة. وبينما لم ينشر فتجنشتين سوى كتاب واحد في ذلك هو " رسالة منطقية فلسفية" ، فإن بول جرايس أغنى المكتبة بالعديد من الأبحاث التي فتحت أفقا جديدا للتعامل مع اللغة من زاوية جديدة بفضل مقالاته عن " المعنى" الذي نشر 1957، و" المنطق والمحادثة" وكتاب " دراسات في الكلمات" الصادر عام 1989 بعد وفاته، وبتلك الأبحاث أصبح الفارق بين المنطوق والمقصود علما قائما بذاته. جدير بالذكر أننا على أعتاب ذكرى رحيل بول جرايس الذي فارقنا في 28 أغسطس 1988 بعد أن أبحر طويلا في الفرق بين ما نقوله وما نقصده.