مصطفى الديب يكتب: أزمة إنسان
أسوأ ما يُهلك الإنسان ظنه الدائم بأنه "محور الكون "، يظن دائما أنه شيئاًً مهماً، يظن أن الدنيا ستتوقف تماماً بعد موته!
يتخيل أنه عند وفاته ستُشق الجيوب وسُتلطم الخدود، وستذرف العيون بدلا من الدموع دماً، يدخل الإنسان دائما في نوبات من أحلام اليقظة التي تهيئ له أن من حوله سيعتزلون الدنيا حزنا وقهرا على وفاته، ولا يدري المسكين أن عقارب الساعة لا تتوقف لأحد مهما علا شأنه أو ترك موضعه فارغا، لم تتوقف الحياة "كحياة"عند وفاة أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، ولم تتوقف الحياة بعد وفاه الملوك والأباطرة والسلاطين وكثيرا من البشر كانوا يظنون أنهم سيأخذون معهم الخير كله!
الإنسان في هذه الجزئية لا يفكر بل هو عديم الفكر عندما يظن ذلك، فهو بشخصه قد فارق الكثير، وفقد الكثير، لكن حياته لم تقف عند هذه المحطات المؤلمة، وللنسيان دورا كبيرا في ذلك .
فكم من أموات رأينا ذويهم وأحبابهم يصرخون صراخاً يؤكد أنهم سيموتون بعدهم، وكم من صغير ظن البعض أن حياته ستقف عند موت أبيه أو أمه، وكم من أرمله ظن الناس بأنها ستموت جوعا بعد فقدان زوجها، وكم من أم ظن الناس أنها لن تعيش لحظة واحدة بعد وفاه ابنها.
ستستمر الحياة ولن تقف لفقدان أحد، بالطبع سيكون بها خلل ما لكنها لن تقف وهذه من تجليات رحمة الله بعباده.
في النهاية الإنسان ما هو الا ذرات متطايرة، بلا قيمة، تنتظر الموت عاجلاً أو آجلاً، سيبكي عليه الكثير ثم ينسون، ثم يموت غيره ثم ينسون، ثم تستمر الحياة بحلوها ومرها ولن ينفع الإنسان سوى عمله الصالح.
بسم الله الرحمن الرحيم :
"يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه. فأما من أوتي كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حسابا يسيرا. وينقلب إلى أهله مسرورا. وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعو ثبورا. ويصلى سعيرا .