محمد بركات يكتب: نوبة صحيان!!
أحسب أنه لا مبالغة فى القول، بأن السبب الرئيسى وراء ظاهرة انتشار المبانى والعقارات المخالفة، والاعتداء على الأراضى الزراعية، وتحويلها إلى أبراج سكنية، سواء فى كفر سعد بالقليوبية أو غيرها من المحافظات،...، يرجع الى قصور الرؤية لدى أصحاب هذه الأراضى وجشعهم للمال، وغيبة الوعى العام لديهم بالمصلحة الوطنية، التى تحتم الحفاظ على الأراضى الزراعية، باعتبارها ثروة قومية ومصدراً رئيسياً للغذاء.
ولكن هناك سبباً آخر لا يجب إغفاله أو تجاوزه أو التغاضى عنه، وهو ذلك الفساد المستشرى فى المحليات والمنتشر فى الأحياء، والكامن داخل النفوس الضعيفة والضمائر الخربة لبعض المسئولين عن تصاريح ورخص البناء فى المدن والقرى والمحافظات.
ولولا الفساد ماكان من الممكن أن تكون هناك مخالفات فى البناء على الاطلاق،...، ولولا الإهمال والتسيب وغيبة الرقابة وغياب مبدأ الثواب والعقاب، ماكان ممكنا أن تستمر هذه المخالفات وتستشرى وتخرج لسانها للجميع وتتحدى الكل وتصبح مهددة للمجتمع كله.
ونتيجة لذلك انتشر الخطر وعلينا أن نعترف بأنه بات يهددنا جميعا كشعب ودولة، بضياع الأراضى الزراعية التى هى المصدر الرئيسى والوحيد لغذاء هذا الشعب.
وهذه ليست مبالغة، بل هى للأسف حقيقة واقعة أصبحت ماثلة أمام أعيننا جميعا، فى ظل المأساة التى جرت خلال السنوات الماضية، وفقدنا بسببها ما يزيد على الربعمائة ألف (٤٠٠ ألف فدان) من أجود الأراضى الزراعية المنتجة خلال الأربعين عاما الماضية.
وفى هذا علينا أن ندرك أن موجة الصحيان التى نحن فيها الآن، وما أدت إليه من استنهاض الهمم واتخاذ الحكومة لموقف حاسم لوقف هذه الكارثة ومواجهة ذلك الخطر، هى الوسيلة الوحيدة المتاحة الآن لإنقاذ الأرض الزراعية لمصر والمصدر الوحيد لثروتها الغذائية من السقوط والضياع نتيجة قصور نظر البعض وجشعهم للمال وفساد البعض الآخر واغماضهم العين عن المخالفات.
وعلينا أن نعى ونؤمن بأن استمرار هذه الكارثة دون علاج حاسم، يهدد الأمل فى بناء مصر الحديثة القوية والمتطورة، وهو ما لا يجب السماح به على الاطلاق.
نقلا عن اخبار اليوم.