جلال دويدار يكتب: تحرك حتمى للدولة.. لمعالجة تناقضات الدعم
من المؤكد أن الإقدام على تصحيح هذه المظومة، تُعد خطوةً حتميةً لإنهاء حالة جسيمة من الخلل الاقتصادى.
هذا الوضع حدث نتيجة تراكمات من الأخطاء تواصلت وتفاقمت على مدى ما يقرب من ٧ عقودٍ، بدأت من ستينيات القرن الماضى، أن محورها نابعٌ من تدنى الدخول، خاصةً بالنسبة لطبقة المواطنين الفقراء.
الأنظمة الحاكمة طوال هذه الفترات، تجنبت التحرك الجاد والفاعل والحاسم؛ لإيجاد الحلول أو المعالجة، كانت وسيلتها الوحيدة، والتى كانت تتم بحياءٍ وحذرٍ، اللجوء إلى إجراءات جزئية غير متكاملة لا تُحقق المستهدف.. هذه المعالجة لم يكن لها من تأثيرٍ على الأعباء والمشاكل المترتبة.. أسهم فى حالة التفاقم، التزايد السكانى المنفلت، وغياب أى خططٍ جادةٍ للتنمية بهدف الارتفاع بالمستوى العام للمعيشة.. أدى استمرارية هذا الخلل إلى تحميل موازنة الدولة لمئات المليارات من الجنيهات.
ثبت يقينًا بالبحث والدراسة، أن الجانب الأكبر من المخصصات المالية، يذهب بطرقٍ غير مشروعة إلى أنشطةٍ استغلاليةٍ هدفها التربح، وكذلك إلى جيوب من يستحلون المال الحرام.
استمرار هذا الدعم.. كان وراء تعقيد وزيادة مشاكلنا الاقتصادية.. إن جانبًا أساسيًا من هذه المشاكل تمثَّل فى عدم القدرة على توفير الاعتمادات اللازمة لتمويل احتياجاتنا من خدمات رئيسية؛ كالصحة والتعليم والمرافق والتوسع فى إقامة المشروعات من أجل إتاحة فرص لعمل الشباب، ودعم التنمية المستدامة.. ضاعف من المشكلة وأدى إلى تفاقمها وتعظيم استغلالية الانتهازيين ومعدومى الضمير، السماح بوجود أكثر من سعرٍ للسلعة الواحدة - المدعومة وغير المدعومة.
جرت أبحاث ودراسات قام بها متخصصون لاستبدال دعم ومساعدة الفئات المستحقة للدعم التموينى بالدعم النقدى. ونظرًا للخضوع لشعارات عفا عليها الزمن وشبه إرهابية ولا تتفق مع الواقع أو التطورات.. غابت الشجاعة فى مواجهة الموقف.
حاليًا وبعد ما حدث من تطورات اجتماعية واقتصادية، كان لابد للدولة أن تتحرك لإيجاد الحل الغائب المأمول.. هذا التحرك جاء بعد أن ضاعفت الدولة الحد الأدنى للأجور والمعاشات عدة مرات. يُضاف إلى ذلك التوسع فى أنظمة المساعدات الاجتماعية التعويضية للطبقات الفقيرة لتصل اعتماداتها إلى عشرات المليارات من الجنيهات. يُضاف إلى ذلك توافر قاعدة موثقة تولى إعدادها وتجهيزها، مستعينًا بالأجهزة ذات الصلة، وزير التموين د. على المصيلحى، انتهت إلى تحديد الفئات الأولى بالرعاية المستحقة للدعم.
على خلفية كل هذه الخطوات التى تم اتخاذها، برزت صراحة وجرأة وشجاعة الرئيس السيسى، صاحب قرار الإقدام على تبنى برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى أصبح نجاحه ركيزة لتحقيق تقدمنا ونهوضنا، تجسد ذلك فى الإعلان عن البدء فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة سلبيات الدعم.
من المفروض أن تشمل هذه المعالجة إنهاء هذا التناقض الاقتصادى.. إن ذلك ولا جدال يستهدف إغلاق باب المتاجرة والاستغلال من وراء هذا النظام المعمول به، انه يستهدف فى نفس الوقت الإعداد لإيجاد المنظومة العادلة التى تُحقق الصالح المجتمعى العام.
نقلا عن اخبار اليوم