جلال عارف يكتب: رصيد أمريكا ينفد.. وإرهاب إسرائيل يتوحش!!
يعرف نتنياهو أنه سقط سياسيًا فى ٧ أكتوبر لكنه يهدد الآن بأنه لن يغادر المسرح إلا بعد أن يفجر المنطقة كلها. أعطاه الرئيس الأمريكى «بايدن» (وأعطى لنفسه أيضًا) فرصة الإفلات من المأزق الحالى الذى لا يهدد مصير إسرائيل وحدها، بل ينهى ما تبقى من قيمة أخلاقية لأمريكا.. وهو على كل حال أصبح أقل من القليل، بعد أن تحولت الدولة العظمى إلى شريكة فى المجزرة النازية التى تقوم بها إسرائيل ضد شعب فلسطين.
نتنياهو الآن يطيح بالفرصة التى منحها له بايدن حين طالبه بالتخلص من رموز التطرف الأكبر فى حكومته (بن غفير وسيموتريتش) ليكون ذلك بداية للنزول من أعلى الشجرة، واستعادة شىء من تعاطف الغرب الذى انتهى مع كشف حقيقة حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل. لكن «نتنياهو» يطيح بكل ذلك، ويضع «بايدن» فى ورطة ممتدة مع اقتراب شهور حسم الانتخابات الأمريكية، ويعلن أنه ماض فى الحرب حتى النهاية رغم الضغوط الخارجية. ثم يكشف للعالم كله أنه ليس أقل تطرفًا من بن غفير أو سيموتريتش كما كان يدعى.. بل يقف بكل وقاحة ليقول إنه هو الذى قتل اتفاق أوسلو، وأنه لن يسمح بأى عودة لطريقه الذى يعتبره الخطر الأكبر على إسرائيل، وأنه لا مكان مطلقًا - فى سياسته - لدولة فلسطينية ولو أيدها العالم كله!!
«الفأر المذعور» الذى كان عليه نتنياهو فى ٧ أكتوبر، لم يعد كذلك بعد أن منحته أمريكا دعمها غير المسبوق عسكريًا وسياسيًا واقتصاديًا. ورغم الفشل المتوالى حتى الآن فى تحقيق أى هدف فى حرب الإبادة التى جر أمريكا لتشاركه فيها، إلا أنه يراهن من جانبه على استمرار الدعم الأمريكى فى كل الأحوال، ولا يرى غير استمرار الحرب وسيلة لاستمراره بعيدًا عن السجن وعن خطر المحاكمة كمجرم حرب حتى لو جر المنطقة كلها إلى الانفجار!!
يريد نتنياهو أن يبقى قطاع غزة تحت سيطرة إسرائيل الأمنية مع تقليص مساحته لإحاطته بمناطق عازلة، ومع استمرار جعل الحياة مستحيلة بالمجازر الوحشية اليومية ضد الفلسطينيين، وبالاعتماد - حتى الآن - على مدد السلاح الأمريكى الذى لا ينقطع، و «الڤيتو» الأمريكى الجاهز دومًا لحماية إسرائيل من العقاب الدولى على جرائمها فى حق شعب فلسطين وفى حق الإنسانية!!
ماذا ستفعل أمريكا؟.. وهل ستظل - كما كان الأمر لسنوات - تتحدث عن حل الدولتين وتترك نتنياهو وعصابته التى تحكم إسرائيل تقتل كل احتمال لقيام الدولة الفلسطينية؟!.. الأمر يختلف الآن بكل تأكيد.. هناك «حرب إبادة» لشعب فلسطين بسلاح أمريكى ودعم سياسى واقتصادى من أمريكا لجريمة حرب مستمرة ومتصاعدة. وهناك اعتراف من الرئيس الأمريكى نفسه بأن ثمن ذلك هو السقوط الأخلاقى لأمريكا عند العالم كله. وهناك مصالح أمريكية تتهدد من الشعوب الغاضبة قبل الحكومات وهناك عالم بأكمله يطالب بوقف الحرب وإنهاء الإبادة الجماعية.. وعلى الجانب الآخر تقف إسرائيل تواصل جرائمها، ومعها أمريكا تقدم لها النصائح والسلاح.. هل هناك طريقة أسوأ لسقوط الدول العظمى؟!
نقلا عن اخبار اليوم